samedi 27 décembre 2008

‬باولو كويليو:وهم الاستقلال العاطفي

إن هناك قاعدة‮ ‬غير مكتوبة تقول‮:" ‬العالم يفوز به الأقوي‮!"‬،‮ ‬وأن‮ "‬البقاء للأصلح‮"..‬في بداية حياتنا وحين يتقدم بنا العمر نحتاج لمساعدة وعاطفة من حولنا‮. ‬لكن للأسف فإننا بين تلك المرحلتين وحين نشعر بالقوة والاستقلال فإننا لا نشعر بقيمة العاطفة والمشاعر‮. ‬فإذا كانت حياتك تبدأ وتنتهي بمشاعر من حولك أفلا يجدر بك أنت أن تظهر مشاعرك وعواطفك ومحبتك للآخرين مادمت قادرا‮ ‬علي ذلك‮..‬؟‮ "‬هذه كانت كلمات الدلاي لاما‮. ‬والحق أنني دائما‮ ‬ما أستغرب فخر البعض باستقلالهم العاطفي،‮ ‬في حين أن الواقع هو أنه لا أحد يملك أن يستقل عاطفيا‮ ‬عن الآخرين،‮ ‬لكنه الخجل من إظهار ذلك،‮ ‬لذا نفضل أن نتألم ونبكي وحدنا في الخفاء،‮ ‬وحين يطلب منا أحد الدعم العاطفي نزعم أنه‮ ‬ضعيف ولا يستطيع التحكم في مشاعره‮.‬إن هناك قاعدة‮ ‬غير مكتوبة تقول‮:" ‬العالم يفوز به الأقوي‮!"‬،‮ ‬وأن‮ "‬البقاء للأصلح‮".‬ولو كان الأمر كذلك لما تمكن البشر من البقاء،‮ ‬لأنهم من سلالة تحتاج الرعاية طوال الوقت،‮ ‬والعلماء يقولون أن الإنسان يحتاج تسع سنوات ليكون معتمدا‮ ‬علي نفسه تماما‮ ‬في حين يستغرق الأمر ستة أشهر في الزرافات وخمس دقائق في حالة النحل‮.‬نحن في هذا العالم دائما نعتمد‮- ‬وسنظل نعتمد‮ - ‬علي الآخرين‮..‬وأنا شخصيا‮ ‬أعترف بذلك‮.‬أنا أعتمد علي زوجتي،‮ ‬وأصدقائي ودور النشر التي أتعامل معها‮. ‬بل إنني أعتمد علي أعدائي،‮ ‬الذين يساعدوني علي شحذ مهاراتي طول الوقت‮.‬بالطبع يزيد الأمر عن حده أحيانا،‮ ‬وقد يشتاق المرء للحظات الوحدة وإعتكاف التأمل،‮ ‬لكن ليس من المفيد الركون للوحدة بحال‮.‬إن الإستقلال العاطفي لا يقود إلي أي خير،‮ ‬بل يقود فقط للاحتماء بقلعة لا تفيد سوي من يظن أنه بذلك سوف يدهش الآخرين من قدرته علي الاستغناء عنهم‮. ‬أما الاعتماد العاطفي المتبادل فهو أشبه بصواريخ الاحتفالات التي تضيء ليالينا بألوانها البراقة المبهجة‮. ‬ولا شك أن إنشاء أية علاقة مسألة صعبة،‮ ‬مثلما استيقاد النار من الحطب،‮ ‬فهي مسألة قد تسبب بعض الدخان وتؤدي لتساقط بعض الدموع،‮ ‬لكن حين تشتعل النار فإن الدخان يختفي ويعلو اللهب لينشر النور والدفء‮ ‬،‮ ‬وقد تنذر بعض ألسنة النار بحريق فنسارع باحتواءها لكن هذا هو مصدر المتعة والمغامرة في الحياة،‮ ‬أليس كذلك؟لقد بدأت المقال باقتباس كلمات الدلاي لاما الحاصل علي جائزة نوبل،‮ ‬وسأختمها باقتباس لفائز آخر بنفس الجائزة هو البروفسور ألبرت شفايتسر الفيزيائي والمبشر الذي حاز الجائزة عام‮ ‬1952‮. ‬‮"..‬كلنا نعلم أن هناك مرض في أفريقيا اسمه مرض النوم،‮ ‬وما نحتاج لمعرفته هو أن هناك نوع آخر منه يصيب الروح وهو أخطر لأنه يقتلها بدون أن نلحظ ذلك،‮ ‬فإذا شعرت بخمول الهمة وفقدان الحماسة للتواصل مع الآخرين والعزوف عن الحياة فكن علي حذر‮.. ‬فهذه أول الأعراض.والطريقة الوحيدة للوقاية من هذا المرض هو أن تدرك أن الروح تعاني حين نجبرها علي الحياة التافهة،‮ ‬لأن الروح الانسانية تحتاج العلاقات الجميلة‮..‬والعميقة‮." من رواية مكتوب

Aucun commentaire: